موسيقى

قراءة نقدية في قصيدة - مقام النخوة - للشاعر الزجال عبدو سلطان كاسمي
* ذ. عزالدين الشدادي
إن القصيدة الزجلية شبيهة بقطعة موسيقية يتوافق جمال نغمها بجمال وسمو ذات وإحساس عازفها ، وكلما تعمق الإحساس ازداد النغم جمالا وسموا ، وتجربة الزجال عبدو كاسمي في مجملها هي موسيقى نغمها متصل بذات العازف وروحه ، لهذا نغمها صادق وأصيل .
إن قصيدة - مقام النخوة - نخوة في الزجل ، نخوة ذات هوية كلية لا جزئية ، فردية وجمعية ، كونية وشمولية تتجاوز الحب بين الذوات إلى حب من الذات إلى الطبيعة والأرض .
تبدأ القصيدة ببوع عاشق ومحب ، نلمس صدقه وجماله في المقطع التالي :
أنتي وحدة
ما فحالك عروس
حلاوتك شهدة
و سميتك دغموس
بوح يبرر تعلق الذات بموضوع حبها ، ويحضر الحب كسلطة تفند النظرية القائلة بأن لا سلطة للذات على نصها ، فتتماهى هنا الذات مع ذاتها شكلا وتعبيرا .
نتأمل المقطع التالي :
ف اعماقي نبتت
مع ليام كبرت
وصبحت شجرة
ف عروقي طلقت
عروش امخاوية
في خضم تماهي كهذا يصبح الحوار بين الذات والأرض أو لبلاد بلغة دارجة حوار عشق وحب .
نقرأ المقطع التالي :
ترسمني القوال
ينظمني الكلام
نولدني زجال
تزررني لقلام
الكتبة علي
و لفهامة عليك
مدح وفخر أغراض شعرية أساسية حضرت داخل المجموع أو الكل ، وحضور نرجسي أحيانا لذاتية المبدع في الكشف عن كنه عشقه وحبه ، وتاريخ الشعر والزجل مليء بهكذا بوح ( المتنبي - الفرزدق - درويش )
إن الذات هنا انغمست أو اتحدت أو بلغة الفلسفة تماهت مع الأرض ، ليتشاركا المولد والميلاد ، الموت والحياة .
نتأمل هذا المقطع :
ملي انكون بعيد
يفتلني مجدول حرير
يعمر قنطار لوفا
تحركني الوحشة
بنيران التشويشة
تجيني كلمة ناوية
تخرج دمعة كاوية
و النخصة في ضلوعي شاوية
و يصل التماهي حده عند المقطع الآتي :
كون عندي جوج قلوب
نعطيك لآخر
ونعيش بهذا
إنه حب أفلاطوني لا يعترف بحدود عالم المحسوسات ، حب يسبح في عالم المثل اللامتناهي .
إننا أمام قصيدة أو مقام نخوة زجلي في الحب ، بين ذات ووطن ، أنا وأرض ، شخص و حدود جغرافية وزمنية .
نتأمل المقطع الأخير :
نموت أنا وتعيشي انتيا
نموت وتبقى قصايدي هدية
و يزداد المقطع تناصا مع التغني بالوطن :
تعيشي يا بلادي
تعيشي ،،
إن - مقام النخوة - زجل في الحب أو حب في الزجل ، حب صادق بين ذات وأرض لا حدود لعشقهما .
* أستاذ وشاعر زجال

ليست هناك تعليقات: