محمد الطايع
******
******
مقاربة نوعية لتجربة الشاعرة زكية المرموق ..
بقلم محمد الطايع ..
بقلم محمد الطايع ..
السلام عليكم . في محاولة محتشمة مني لرصد جزء بسيط من التجربة الشعرية المتنوعة للشاعرة المغربية ( زكية المرموق ) راق لي أن أحوم قليلا حول ثلة من المعاني المتعددة التي تمنح بعضا من ملامحها للقاريء .. ولا أقصد الإحاطة بأي معنى منها فهي منفتحة الدلالات . بيد أنه يمكن من خلال مقاربة نوعية . التلميح أو الإشارة إلى بعضها . لأنه في نهاية المطاف يحتاج أي ناقد إلى الإعلان عن مشروع دراسة كاملة . كي يقترب أكثر من هالة شعرية بمثل سطوع تجربة شاعرتنا . هذا ولو لن يعدو كونه
- مهما اوتي من تقنيات رصد وملاحقة - مجرد عابر على ضفاف تجربة الشاعرة . وطبعا كلام من هذا القبيل يقصد به سائر الشعراء ذوي الثراء الكمي والنوعي . ففي نهاية المطاف لاتفتح أبواب مغارات كنوز الشعراء الكبار إلا تواترا وتعاقبا من خلال عدة قراءات ودراسات لنقاد مختلفين . هذا ماتتطلبه القراءات النقدية وإن كان الامر يتعلق بقصيدة واحدة .. لأن الشعر الجيد عموما لايهب نفسه مجانا . بل يتطلب جهدا حقيقيا . من أجل اكتشاف بنياته اللغوية والشكلية والرمزية ومايتضمنه من رسائل مشفرة . وأخرى معلنة ..
- مهما اوتي من تقنيات رصد وملاحقة - مجرد عابر على ضفاف تجربة الشاعرة . وطبعا كلام من هذا القبيل يقصد به سائر الشعراء ذوي الثراء الكمي والنوعي . ففي نهاية المطاف لاتفتح أبواب مغارات كنوز الشعراء الكبار إلا تواترا وتعاقبا من خلال عدة قراءات ودراسات لنقاد مختلفين . هذا ماتتطلبه القراءات النقدية وإن كان الامر يتعلق بقصيدة واحدة .. لأن الشعر الجيد عموما لايهب نفسه مجانا . بل يتطلب جهدا حقيقيا . من أجل اكتشاف بنياته اللغوية والشكلية والرمزية ومايتضمنه من رسائل مشفرة . وأخرى معلنة ..
بداية ومما لاجدال حوله . الشاعرة زكية المرموق . اختارت القصيدة النثرية . مع لغة في متناول الفهم والاستيعاب عموما . وهذه إحدى حسنات الشاعر / كل شاعر ينتقي وعن قناعة لغته ومنهاجه من أجل أن يحمل الكلام الشعري خطابه وتجربته الأدبية الذاتية والموضوعية . إذ انه من اللازم أن يتوفر نوع من الانسجام بين الشكل والمضمون . والايقاع الداخلي للنص . فمادامت شاعرتنا مثلا . تقتحم عوالم الاختلاف عن السائد . وتنتج فيها خلقا جديدا من الرؤى . التي تولدها صور شعرية بالغة النضج والفتنة المتصلة بثيمات الجمال طبعا . فهي لن تناقض اسلوبها الشعري . سواء تعلق الأمر بالميكانيزمات الظاهرة او حتى تلك المراوغات الفنية التي تمتاز بالدهاء والحرفية . حيث يعمد الشاعر الى مد سراديب تحت تربة المتن الشعري لايعبر من خلالها الا المغامرون من عشاق الوصول الى أقصى ماتتيحه إمكانات الإبداع .. ومن هنا .. أحب ان أختصر المسافة إلى مبتغاي .. فأطرح نموذجا : نصا بعنوان .
أنتظرك في قصيدة .. حيث تقول الشاعرة في مطلعها ..
أنتظرك في قصيدة .. حيث تقول الشاعرة في مطلعها ..
خذني إلى أقصاي
كي يندلق الخمر الذي صدأ
على شفتي
كي يندلق الخمر الذي صدأ
على شفتي
هنا تعلن الشاعرة رغبتها في الذهاب إلى أقصى البوح الشعري . مما يجعلها صوتا مختلفا عما تنطق به جل معاصراتها من الشاعرات . اللواتي يتخوفن من الإفصاح الكامل . فليجأن للتستر على كثير مما يؤلمهن او يرغبن فيه .. ثم تنتقل بعد ذلك إلى نوع من المكاشفة العلنية لما ترفضه اجمالا من مفاهيم أتت من الشرق . وللشرق دلالة لااختلاف بشأنها . انه رمز التعلق بالغيب والوعود المؤجلة لما بعد الحياة الدنيا . والتي اعتبرها دعاة الواقعية وهما صريحا . ومقايضة خادعة للوجود الإنساني الحر . ببدائل فيها نقاش وخلاف كبير . نعم انه الشرق الذي يلزم الانثى بمسرحة أحلامها على الوسادة . بعيدا عن ضوء النهار . حيث الانطلاق الحق والتعبير المطلق عن امكانات الذات الانسانية . ولي مثل أسوقه من القصيدة نفسها قول الشاعرة :
خذني بعيدا عن شرق
يلون بالليل النهار
يدس الرمل في عين النهر
ويقول للماء
الأصل تراب
فعد إلى منفاك
النهاية أيضا تراب
والطريق بينهما حقل ألغام...
خذني بعيدا عن شرق
لايعرف من الجنة
إلا الفراش المبثوت...
استدارة الحور
ومكر التأويل
يلون بالليل النهار
يدس الرمل في عين النهر
ويقول للماء
الأصل تراب
فعد إلى منفاك
النهاية أيضا تراب
والطريق بينهما حقل ألغام...
خذني بعيدا عن شرق
لايعرف من الجنة
إلا الفراش المبثوت...
استدارة الحور
ومكر التأويل
هذا وكي لا اغرق كثيرا فيما اظنه قد اتضح بالفعل . سانتقل مباشرة إلى ما يعزز هذا الطرح . وذلك من خلال قصيدتها . ضحكات بلشفية .. حيث لابد لمن يرفض ثقافة ما أن يتجه صوب بر آخر . فنجد الشاعرة من خلال هذه القصيدة . تخاطب المفكرة الفرنسية الكبيرة والتي أوشك البعض ان يسموها فيلسوفة . سيمون دي بوفوار .. تلك المراة التي يشهد لها بالنبوغ الفكري . منذ حداثة سنها . والتي ارتبطت سيرتها بالمفكر الوجودي جان بول سارتر . حيث كانا على علاقة لم يتفقا خلالها على الزواج . والسبب كما نقل لنا . مبعثه فلسفة السيدة سيمون في الحياة ولربما أيضا اسهمت ميولاتها الشاذة في ذلك . حسنا الشاعرة زكية المرموق وهي تحاور هذه المرأة التي أسهمت بقوة في تحرر المرأة وفك قيود الاحكام المثوارثة عنها . والتي أختيرت غير ما مرة لتكون مثال المراة التي اسهمت بمثل ما أسهم خلاله الرجل في عالم الفكر والإبداع .
وقبل ان أتحدث عن هذا التماهي الوشيك بين المرأتين والذي تعلنه شاعرتنا . أعود إلى قصيدتها .. انتظرك في قصيدة .. فأورد المقطع الآتي :
وقبل ان أتحدث عن هذا التماهي الوشيك بين المرأتين والذي تعلنه شاعرتنا . أعود إلى قصيدتها .. انتظرك في قصيدة .. فأورد المقطع الآتي :
فأنا لا أجيد التجنيس
واقول لشرطة النوع التي تقف بيني
وبين النص
تعالي نتقاسم هير وين الكلام
ونفكر في تبيض أفكارنا المهربة
على جثة القواميس
ونتيه في الأثير
فبعض الشذوذ ليس دوما إثم
كما يدعي حراس القشور .
واقول لشرطة النوع التي تقف بيني
وبين النص
تعالي نتقاسم هير وين الكلام
ونفكر في تبيض أفكارنا المهربة
على جثة القواميس
ونتيه في الأثير
فبعض الشذوذ ليس دوما إثم
كما يدعي حراس القشور .
هنا طبعا أعلنت الشاعرة موقفها صريحا . من الوصاية الفكرية المتطرفة فيما يخص . الاختيارات الذاتية . ونحن هنا طبعا لانروم ترسيخ فكرة ما محددة . عن اتجاه الشاعرة كانسانة . خاصة وانا كقاريء لا اعرف عنها سوى القليل . انما كل الذي يهمني ما تبوح به القصائد . والتي لمست فيها قوة وجرأة وتجديدا وابتكارا . ولمست فيها قدرة خارقة على الارتفاع بصوت القصيدة عن التكلف البسيط والمعتاد .
في قصيدة . ضحكة بلشفية . نرصد نوعا من المقارنة بين الشاعرة وبين المفكرة الفرنسية الشهيرة . والتي كادت أن تلغي كل اختلاف بينهما . لولا ما يميز المرأتين كإحالة على بيئة الشاعر وبعض من معتقداته المكتسبة اجتماعيا والتي يصعب الانسلاخ منها تماما . مهما حاول المفكر او الفنان أن ينبذها خلف ظهره . تقول الشاعرة ..
في قصيدة . ضحكة بلشفية . نرصد نوعا من المقارنة بين الشاعرة وبين المفكرة الفرنسية الشهيرة . والتي كادت أن تلغي كل اختلاف بينهما . لولا ما يميز المرأتين كإحالة على بيئة الشاعر وبعض من معتقداته المكتسبة اجتماعيا والتي يصعب الانسلاخ منها تماما . مهما حاول المفكر او الفنان أن ينبذها خلف ظهره . تقول الشاعرة ..
أنا أنت ياسيمون ديبوفوار
أنا أنت
إلا في شيء صغير جدا
شيء ارهف من شعرة دمية
وأصلب من خيط عنكبوت
أنا أنت
إلا في شيء صغير جدا
شيء ارهف من شعرة دمية
وأصلب من خيط عنكبوت
الجزء الثاني من المقاربة . وللاشارة فقط هو متصل وملتحم بالجزء الاول .
هذا وإن عدنا لترصد رؤية الشاعرة للفكر الشرقي .. نجدها وبعد تشكيكها في كثير من المسلمات . شرقيا . تعزز قناعتها بنوع من التحدي ليس فقط للعادات والتقاليذ . انما ايضا للأسطورة الشرقية . وهذا ما يتضح من خلال قصيدتها . التي لم أجد لها عنوانا خلال بحثي البسيط والمتعجل قليلا .. والتي يقول مطلعها :
جلجاميش لم يكن بحجم حلمي٠٠٠٠
جالجاميش لم يكن بحجم حلمي
أفق ايها العاطل عن الحياة
لا متسع للموت الآن٠٠٠
جالجاميش لم يكن بحجم حلمي
أفق ايها العاطل عن الحياة
لا متسع للموت الآن٠٠٠
أما لماذا اخترت الحديث عن هذه القصيدة . فلأنني صادفت عدة بحوث ودراسات منجرة حول تجربة شاعرتنا . والتي اهتمت بما كتبته تناصا مع اسطورة شهرزاد . وشهريار وماتحمله من دلالات تمرد تلامس احيانا المعنى الايروتيكي .. لكن ولكي لاأكرر ما ذهب إليه غيري . وقد قلت سابقا أنه من الصعب رصد ولو القليل من تجربة شاعرة توفرت لديها ميزة التكامل والتوائم بين الكم والكيف . وهكذا وبالفعل اعلن أندهاشي الكبير بروح التمرد القصوى التي تمتلكها الشاعرة . وهي تنتقص من قدرة الملك جلجاميش الذي اضاع عمرا في البحث عن اسباب الخلود . وتخبر القاريء ان حلمها . كان أكبر من حلمه . ونحن إذ نلاحق سيرة هذا الملك السومري الأسطوري . نعلم انه في النهاية قد أقر بأن مايخلد الانسان هو فعله لاعمره . نعلن كامل اعجابنا بهذا النوع من التحاور مع الاسطورة . فلقد عرفت شاعرتنا كيف تخبر من يصغي اليها .أن الخلد فعلا متاح من خلال فعل الكتابة . هذا ماتؤيده مجموع قصائدها . التي تنتصر للارادة الحرة قلما وحرفا وابداعا . فهي لن تكون ابدا مجرد صوت يجتر خلاصات الشاعرات اللواتي سبقناها زمنيا وليس فنيا .. وهذا ما تؤكده خلال قصيدتها ... انا ماتزرعه يدي .. بمعنى أن الإنسان صنيع نفسه .. كما كان يخبرنا الشاعر المبدع والإعلامي الكبير أحمد الريفي قديما مرددا على مسامعنا : يا أيها الانسان أنت ما تشاء .. نعم الانسان كامل الإرادة . وهذه إحدى رسائل الشاعرة زكية المرموق . هذا ولايتم بلوغ هذه القدرة الا عن طريق اجتراح السؤال . فلاشيء مطلق المعنى ولانهاية للتأويلات . ولامكان للجزم . فكل المسألة حياة نجد كي نتحرر خلالها . من كل العوائق . دون أن ندعي أننا بلغنا أرض الحقيقة ..
أنا ما تزرعُهُ يدي
على صخرةِ السؤال ،
ما تلتقطهُ أنفاسي
من حقولِ الطينِ ،
ماءٌ أجمعُهُ في غربالِ الأيامِ
أنا ما أخزنهُ في محبرتي
حيثُ لا يومَ أبيضَ
يفيضُ على كاهلِ السّوادِ
على صخرةِ السؤال ،
ما تلتقطهُ أنفاسي
من حقولِ الطينِ ،
ماءٌ أجمعُهُ في غربالِ الأيامِ
أنا ما أخزنهُ في محبرتي
حيثُ لا يومَ أبيضَ
يفيضُ على كاهلِ السّوادِ
وهكذا ... ومن خلال ما اوردته في هذه السطور المتواضعة . والتي تحوم كطائر خجول حول تجربة شاعرتنا . أحب أن أشيد بروح التجديد في قصائدها . وماتحققه من انتصار لمعانيها الخاصة . وماتضمنه من صور متعددة التاويلات وكذا ماتطرحه من بدائل . هي التي تحاول جهدها وما اظنها إلا توفقت . ان تؤرخ في قصائدها لروح العصر الذي تنتمي إليه .. وذلك ما أذهلني فعلا من خلال قراءتي لقصيدة ..
شجرة المانغو .. المتميزة . بكل ما يعنيه انتقاد الشاعرة لهؤلاء الذين خرجوا من وهم الاساطير القديمة ليدفنوا أرواحهم في رمل وهم العوالم الافتراضية ...
فلاتتردد الشاعرة في الكشف عن مطبات ذلك الانغماس السلبي . وهي تبوح بمدى ارتباطها بالواقع ... نعم التجأت إلى هذه القصيدة المتميزة فعلا كي أثبت ان الشعر حسب ما انتجته قريحة . زكية المرموق بقدر ماهو تخييل ورمز وابحار لامتناهي بدون بوصلة فكرية في عوالم الابداع اللانهائية .. بقدر ماله قناعته وانطلاقاته الواقعية التي من شأنها أن تكون اشبه بالمحطة الفضائية التي يرسو عليها المسبار كلما اتعبه الغوص في مجاهيل الفضاء . فقط لابد له من يقين . يلجأ إليه كلما أتعبه الترحال كي يستجمع انفاسه . لابد للشاعر من قناعات ذاتية مهما كان سوريالي المبدأ او عبثي الاجتراح . فالشعر مزج جميل بين التجربة الشخصية الواقعية والفكرية والوجدانية والتخييلية على حد سواء .
شكرا على الفرصة التي اتيحت لي بتسجيل مقاربتي هذه . واترككم مع مقتطف من رائعة شجرة المانغو التي تطرح البديل وتحاور المتطور وتعارض الفراغ ..
شجرة المانغو .. المتميزة . بكل ما يعنيه انتقاد الشاعرة لهؤلاء الذين خرجوا من وهم الاساطير القديمة ليدفنوا أرواحهم في رمل وهم العوالم الافتراضية ...
فلاتتردد الشاعرة في الكشف عن مطبات ذلك الانغماس السلبي . وهي تبوح بمدى ارتباطها بالواقع ... نعم التجأت إلى هذه القصيدة المتميزة فعلا كي أثبت ان الشعر حسب ما انتجته قريحة . زكية المرموق بقدر ماهو تخييل ورمز وابحار لامتناهي بدون بوصلة فكرية في عوالم الابداع اللانهائية .. بقدر ماله قناعته وانطلاقاته الواقعية التي من شأنها أن تكون اشبه بالمحطة الفضائية التي يرسو عليها المسبار كلما اتعبه الغوص في مجاهيل الفضاء . فقط لابد له من يقين . يلجأ إليه كلما أتعبه الترحال كي يستجمع انفاسه . لابد للشاعر من قناعات ذاتية مهما كان سوريالي المبدأ او عبثي الاجتراح . فالشعر مزج جميل بين التجربة الشخصية الواقعية والفكرية والوجدانية والتخييلية على حد سواء .
شكرا على الفرصة التي اتيحت لي بتسجيل مقاربتي هذه . واترككم مع مقتطف من رائعة شجرة المانغو التي تطرح البديل وتحاور المتطور وتعارض الفراغ ..
وقصيدة ؟ قالت لي جدتي
الأسئلة تحنط الأشجار
لهذا فقط تئن لوحاتي
كي تخرج من كأسي
وقبل أن اقتل اوديب
من يومياتي . أن تحيا على ورق
كالمكوث على سفينة خارج
الماء . أغزل من قلبك مجدافا
أسبح فيه خارج العالم الرقمي
فالاستنساخ لم يعد ساري المفعول
والشحن لبن حامض ..
الأسئلة تحنط الأشجار
لهذا فقط تئن لوحاتي
كي تخرج من كأسي
وقبل أن اقتل اوديب
من يومياتي . أن تحيا على ورق
كالمكوث على سفينة خارج
الماء . أغزل من قلبك مجدافا
أسبح فيه خارج العالم الرقمي
فالاستنساخ لم يعد ساري المفعول
والشحن لبن حامض ..
محمد الطايع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق