موسيقى

****انكسار في شِعاب مكْر الرّجال ****
نــــص
------------------------------------------------------------------------------------------------
عاشت هذه السيدة الشابة حرباً نفسية داخلية عنيفة، بسبب تحرشه المستمرّ بها.... 
تحملت تبعات رفضها وعنادها، أذ أثقل السيد المدير العام كاهلها بواجبات وملفات إضافية كثيرة، فأصبحت كأنها وحدها القائمة بإدارة وتدبير ملفات ومهام الشركة جميعها...
كانت تروح إلى المنزل متعبة ومنهكة، لا تقوى حتى على الكلام.... يظل شارداً ذهنها وهي تحملق في شاشة التلفاز دون أن تتبين أو تتتبع أو تضبط ما تشاهده، تماماً كأنها فقط تفرّ إلى شرود الذهن متخذة منه وسيلة للانسحاب من دواخلها المكسورة......
فكرت ملياً في الاستجابة لسخافاته، استعادت صورته تخيّلاً...بدا لها مغرياًللغاية :قدّ وقوام، وجمال ومنصب وجاه وأشياء أخرى... اشتمّت رائحة العطر الفاتنة التي تنبعث منه وهو يجتاز ممرات الشركة!. غالبها إحساس كاره جدّاً لزوجها، اكتسحها كمداهمة قطار لجسدٍ مَا : فظّ وغليظ قلب، لايجيد عطفاً ولا مودّة. فقط سبّ وشتم، ولعن... وعدم الرّضى بعقمه، وبرود الجنسي ، اللذين يُصرِّفُهما عدواناً وعنفاً واحتقاراً تجاهها...
وأخيراً قررت الإقدام على المغامرة، والتخلص من تضارب كل المشاعر التي تتنازعها...
--سيدي المدير العامّ: أسعد الله صباحك بكل خير... قالتها وهي تبتسم له، مرتدية أبهى لباس كشّاف وَوَصّاف تملكه...
مسح ملامحها وجسدها نظراً،فيما أنزلت هي عينيها صوب فتحة قميصها الرّهيف :فتحة كاشفة لملتقى نهديها، ثم أرسلت ابتسامة إيحائية عريضة، وهي تقول له، متصنّعةً مظهر حياء وخجل :
--سيدي أنا رهن إشارتك، أخبرت المدعو زوجي بأنني سأمضي الليلة لدى شقيقتي، ولن أعود إلى البيت....
قهقه عالياً وهو يصرخ في زوجها :
--قذرة، خائنة، ولاشيئ من النساء.... كبُرت في عينيّ وأنت ترفضين الاستسلام، وكنت أفكِّر في ترقيتك إلى رتبة نائبتي والقائمة مقامي إكراماً لإخلاصك ووفائك، أمّا الآن فباب الشركة أعرض وأوسع من منكبيك.... انسحبي من غير مطرودة... وإذا فكرت في التعنّت، ستلقين مصيراً أسوأ.......
ركبها دوار وضعف وهوان، هرولت نحو مصعد الشركة، لم تتمكن من إيقاف المصعد، بل اكتفت بتصعيده وإنزاله من دون توقف، من الأسفل نحو الأعلى، وهي بداخله كبضاعة تتدلّى بها كفّتا ميزان....
**بقلمي عبد الحق توفيق البقالي **

ليست هناك تعليقات: