*مقامات من حكايات جدتي*
مُتَلَفِّعٌ بِلِباسِ جِلْبابٍ .. مُتَرَبِّعٌ على مَجْلِسِ أَخْشابٍ.. مَرْكونٌ بإِحْدى زَوايا السّطْحِ.. مَشْجونٌ من بَقايا الطَّرْحِ.. أَرْتَشِفُ كوبَ شايٍ سَاخِنٍ.. يَفوحُ بِعِطْرٍ بائِنٍ ثُمَّ يَبوحُ بِسِحْرٍ فاتِنٍ ..و أَسْرابُ الطَّيْرٍ المُهاجِرِ تَرْتَزِقُ مَسْرورَةٌ وَ سَحابُ الخَيْرِ الطَّاهِرِ تَسْتَبِقُ مَأمُورَةٌ..و بَريقُ هَمْسِ شَمْسِ الشّتاءِ..ِ يَمْرُقُ مِنْ قَوْسِ جِبالِ الأَطلَسِ العَلْيْاءِ.. يُصافِحُني عِناقاً و أَضُمُّهُ اشْتِياقاً.. مِن شِدَّةِ البَرْدِ و الوَجْدِ.. تَأجَّجَ المَوْقِفُ من فَيْضِهِ احْتِراقاً فاحْتَجَّ الطَّيْفُ مِنْ نَبْضِهِ إِشْراقاً.. قَدْ تَسَلْطَنَ بِتاجٍ مُرَصَّعٍ و ازْدانَ بِبَياضِ ثَلْجٍ ناصِعٍ..و النَّخْلُ يتَوَجَّسُ بِأعْناقِهِ يَخْتَلِسُ بِنَظراتٍ مِنْ أَشْواقِهِ و يَهْمِسُ بِنَبَراتِ لِعُشّاقِهِ..وَ الجَدَّةُ المَكْسُوَّةُ بِسَرابيلِها المُتَأَنِّقَةِ.. المَزْهُوَّةُ بِجَدائِلها الرّائِقَةِ.. تُدَنْدِنُ بِتَراتيلِها تَلمْيحاً وَ تَسْبيحاً.. وَ تُلامِسُ بِكَفِّها حَبّاتُ قَمْحٍ تَنْشُرُهُ تَسْريحاً.. و تَحْكي حِكاياتٍ مُشْرِقَةٍ و تَرْوي رِواياتٍ مُشَوِّقَةٍ.. مَنْ مَدْفونِ مَكنونِها الشّاسِعِ بمَفْتُونِ وِجْدانِها الماتِعِ..عَنْ جَدّي بِطَلاوَتِهِ التي تَشْتَهي وَ عَنْ بُطولاتِهِ التي لا تَنْتهي وَ عَن الزّمَنِ الجَميلِ بِذِكرَياتِهِ .....
* محمد الرجفي *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق