Mohamed Jlaidi
***
***
قصة :
(العنف)و(المال)و(حورية البحر) ..
ناداني البحر عند الغبش . فسرت إلى الشاطئ بخطوات وئيدة . وعلى صخرة استويتُ .لا نوارس، لاكروان ، لا يمام ،لا حمام ، ولا طيور غطاسة ! مسحت المكان بعيني ، فلم أر غير الزرقة المنتشرة ، وقد شرعت تملأ دواخلي ! كان الموج يتكسر معلنا قوةً في الحضور عبر الهدير ، فأدركتُ بحسي البحري ، أن اللحظة انطلقت للمد ! استحضرتُ حورية البحر ! وتساءلتُ متعجبا : كيف اهتدى الخيال البشري ، إلى صنع حوريات البحر ، وأكسبها ملامح ،وقَـسَّم جسدها ، ليمنح الجدع الأعلى صورة امرأة فاتنة ، وأسفلها جسم سمكة ؟! ولم أَجِد الفرصة للتفكير في سؤالي ، لأن الموجة السابعة
حملت معها حورية بحرية ، تلتقط أنفاسها على الصخر أمامي ! ركزت بصري فيها ، وفي تفاصيل مكوناتها الجسدية ، فإذا بها تستبدل القسم السفلي ، لتتشكل في صورة امرأة ، بالكامل : قامة صفصافية ، هالة بدرية ، وجه بلوري ، شعر كستنائي فحمي ، حاجبان كحليان مرسومان كالهلال في أوله ، عينان واسعتان تنبعث منهما نظرة آسرة ، يرسلها تآلف السواد والبياض بداخلهما ، صدر ناهد ، خصر ضامر يعكس انسجام عناصر الجسد ، ويمنحها تناغما كليا بديعا ! مشت بخطو واثق نحوي ! وفي كل خطوة ينبعث التمايل فيفصح عن خيلاء أنثوي يغني سمفونية الثقة المرفوقة بالتمنع ، يتقدمها بهاء الحسن والجمال ،في أشد حالاته ظلماً !
-وهل من ظلم أشد ، من ظلم الجمال ، إذا بصُرَتْ به العين ، واسعصى وتمنع ؟!
هكذا قلت لنفسي ، وأنا أتنهد.
ابتسمتْ ، فارتسمت الغمازتان على الخدين ! رفعتْ الثوب عن ساقيها ، كما فعلت بلقيس،عندما ظنت أن الإسفلت البلوري ماء ! وبجانبي استوتْ ! علق لساني في
فمي ، وانْـشَـل !
-هل أنا في حلم أم في يقظة ، أم في يقظة حالمة ؟!
هكذا تفتق السؤال في مخيلتي ، ولم أترجمه بالصوت ! فجاءني صوتها الهديلي ،
ليفك عقدة لساني:
-صباح النور .
-صباح النور يا نور ؟!
ثم أضفت :
-هل أنت نور أم نور على نور ؟! وما هويتك ؟! وما اسمك ؟!
ثم بُحتُ لها :
-لقد أسرتني بسلطة جمالك!
أجابت وهي تبتسم لي :
-أنا كما تراني عيناك .وكما يترجم دماغك صورتي لديه .
وعن هويتها واسمها،أضافت مسترسلة بتوليف سردي مكثف :
-أنا ( امرأةٌ )بالفعل ، ولست( امرأةً )على الإطلاق.أنا أرض. أنا حياة في بحر. أنا مَــدٌّ وجزر. أنا شمس وقمر.أنا شفق محمر. أنا غسق وغبش. أنا وطن للبؤساء.أنا غطاء للتعساء. أنا خصب للمحرومين.أنا عدالة المظلومين. أنا ربيع أخضر. أنا فداء قوي للعزة والكرامة . أنا نقش تراثي على حجر . أنا السهل الممتنع في قصائد الشعر . أنا بثينة خليلة جميل بن معمر . وعبلة عشيقة عنترة بن شداد . وصبَـابَـةُ قيس بن ذريج ،وقيس بن الملوح . أنا ليلى الأخيلية.والخنساء.أنا خولة بنت الأزرو ، فارسة الصحراء . وأنــا في مثل هؤلاء ممن قتلهن و قتلهم الحب،وشكلن وشكلوا بالشهادة معبراً للإبداع ، ضد كل أشكال الإتباع !
ثم ختمت بالسؤال الموجه إلي بالحصر :
-فهل عرفتني الآن ؟
أجبتها بصدق :
-لا لم أعرفك بعد !!!
قالت :
-ارحل بمخيلتك إلى حانة من حانات شارع وول ستريت ، واخبرني بما ترى .
رحلتُ كما طلبتْ ، ثم قلتُ :
-دخل (المال ) إلى حانة الگاردن سيتي ،في شارع وول ستريت ، وتبعه (العنف) كالظل !
قالت:
-( العنف ) هوالحارس الأمني ل( المال ).لا يفارقه أينما حل أو ارتحل ! بينهما عشرة زواج مثلي قديم ! فمنذ أن صنع ( العنف ) ( المال )، اشترى ( المالُ )( العنفَ )، فصار هذا يأتمر بذاك ، خاضعا له خضوعا مطلقا،يشير الأول بالدولار فيسرع الثاني ملبيا . ويدُه لا تفارق الزناد أبداً.
قلت مكملا ما أرى هنالك :
-طلب ( المال )كأس نبيذ ،وطلب لمرافقه ( العنف ) كأس جعة !
-كيف يبدو ( العنف ) لك في صورة انعكاسه بدماغك عبر هذا الرحيل ؟
سألتْ.
-متعجرف.
أجبتُ.
-وكيف يبدو (المال) لك في صورة انعكاسه بدماغك عبر هذا الرحيل ؟
سألتْ.
-حرامي،متحايل، حدق،شكاك،مغامر،مقامر،وعيناه ذئبيتان.
أجبتُ.
قالت:
-إذا كان في يدي دولار ، فهل يمكن أن يكون الدولار نفسه في يدك ؟
أجبت بوثوقية :
-طبعا لا يمكن ، فهو في حوزة يدك .
قالت:
-وإذا صوبتُ لصدغك مسدسا ، فهل يمكن أن يكون المسدس نفسه في يدك ؟
أجبت بالوثوقية نفسها :
-طبعا لا يمكن ، فالمسدس في يدك .
قالت :
-هي ذي هوية (المال) وهوية (العنف)، فالذي يملك (المال)لا يمكن لغيره أن يملك المال نفسه ، والذي يملك وسائل (العنف)لا يمكن لغيره أن يملك وسائل (العنف) نفسها . ومن هنا صار (العنف)سلطة خاصة أكثر همجية ، وصار (المال )سلطة لا تقل همجية . وهمجيتهما آتية من غياب التكافؤ في معترك السلطة !وأنا لست (مالا) ولا(عنفا) ، لم أخرج الدولار لك ، لكي أشتري خضوعك ، فأهيمن عليك ، ولم أخرج مسدسا كي أرعبك ، فأسيطر عليك ؛ ومع ذلك أسرتك ، لكن بسلطة جمالي . فمن أنا ؟
أجبتها بصدق:
-لم أعرفك بعد !!!
أضافتْ لتقربني إلى تمثل هويتها :
-أنا لك وفي الآن نفسه ، أنا لخصمك أو عدوك . ومن منكما لامس نقطة بيضاء في دواخلي ، صرت له وحده وبالكامل ، جسداً وروحاً وهوية ! وبجسدي ، وبروحي ، ثم وبهويتي ، يبسط سلطته على الذي لم أعد له، لأنه لم يعرف كيف يلامس النقطة البيضاء في دواخل دواخلي ! فهل عرفتني ؟
أجبتها بصدق :
-ورغم كل ما قلتِ لم أتوصل إلى معرفة من أنتِ !!!
قالت قبل أن تدير ظهرها وتغادر :
-أنا (المعرفة ) !
(…)
ولما غادرتْ مع موجة ، قذفتُ بنفسي في البحر ، أسبح لأمسك بها ، ثم أدغدغ جسدها ، لعلني ألامس سر نقطتها البيضاء في دواخل دواخلها !
(…)
لحظتها أتت النوارس والكروانات، وأتى اليمام ،والحمام ، وخلفها الطيور الغطاسة ! لتتعاون علي ، كي تردني إلى خلوتي في جلستي !
حملت معها حورية بحرية ، تلتقط أنفاسها على الصخر أمامي ! ركزت بصري فيها ، وفي تفاصيل مكوناتها الجسدية ، فإذا بها تستبدل القسم السفلي ، لتتشكل في صورة امرأة ، بالكامل : قامة صفصافية ، هالة بدرية ، وجه بلوري ، شعر كستنائي فحمي ، حاجبان كحليان مرسومان كالهلال في أوله ، عينان واسعتان تنبعث منهما نظرة آسرة ، يرسلها تآلف السواد والبياض بداخلهما ، صدر ناهد ، خصر ضامر يعكس انسجام عناصر الجسد ، ويمنحها تناغما كليا بديعا ! مشت بخطو واثق نحوي ! وفي كل خطوة ينبعث التمايل فيفصح عن خيلاء أنثوي يغني سمفونية الثقة المرفوقة بالتمنع ، يتقدمها بهاء الحسن والجمال ،في أشد حالاته ظلماً !
-وهل من ظلم أشد ، من ظلم الجمال ، إذا بصُرَتْ به العين ، واسعصى وتمنع ؟!
هكذا قلت لنفسي ، وأنا أتنهد.
ابتسمتْ ، فارتسمت الغمازتان على الخدين ! رفعتْ الثوب عن ساقيها ، كما فعلت بلقيس،عندما ظنت أن الإسفلت البلوري ماء ! وبجانبي استوتْ ! علق لساني في
فمي ، وانْـشَـل !
-هل أنا في حلم أم في يقظة ، أم في يقظة حالمة ؟!
هكذا تفتق السؤال في مخيلتي ، ولم أترجمه بالصوت ! فجاءني صوتها الهديلي ،
ليفك عقدة لساني:
-صباح النور .
-صباح النور يا نور ؟!
ثم أضفت :
-هل أنت نور أم نور على نور ؟! وما هويتك ؟! وما اسمك ؟!
ثم بُحتُ لها :
-لقد أسرتني بسلطة جمالك!
أجابت وهي تبتسم لي :
-أنا كما تراني عيناك .وكما يترجم دماغك صورتي لديه .
وعن هويتها واسمها،أضافت مسترسلة بتوليف سردي مكثف :
-أنا ( امرأةٌ )بالفعل ، ولست( امرأةً )على الإطلاق.أنا أرض. أنا حياة في بحر. أنا مَــدٌّ وجزر. أنا شمس وقمر.أنا شفق محمر. أنا غسق وغبش. أنا وطن للبؤساء.أنا غطاء للتعساء. أنا خصب للمحرومين.أنا عدالة المظلومين. أنا ربيع أخضر. أنا فداء قوي للعزة والكرامة . أنا نقش تراثي على حجر . أنا السهل الممتنع في قصائد الشعر . أنا بثينة خليلة جميل بن معمر . وعبلة عشيقة عنترة بن شداد . وصبَـابَـةُ قيس بن ذريج ،وقيس بن الملوح . أنا ليلى الأخيلية.والخنساء.أنا خولة بنت الأزرو ، فارسة الصحراء . وأنــا في مثل هؤلاء ممن قتلهن و قتلهم الحب،وشكلن وشكلوا بالشهادة معبراً للإبداع ، ضد كل أشكال الإتباع !
ثم ختمت بالسؤال الموجه إلي بالحصر :
-فهل عرفتني الآن ؟
أجبتها بصدق :
-لا لم أعرفك بعد !!!
قالت :
-ارحل بمخيلتك إلى حانة من حانات شارع وول ستريت ، واخبرني بما ترى .
رحلتُ كما طلبتْ ، ثم قلتُ :
-دخل (المال ) إلى حانة الگاردن سيتي ،في شارع وول ستريت ، وتبعه (العنف) كالظل !
قالت:
-( العنف ) هوالحارس الأمني ل( المال ).لا يفارقه أينما حل أو ارتحل ! بينهما عشرة زواج مثلي قديم ! فمنذ أن صنع ( العنف ) ( المال )، اشترى ( المالُ )( العنفَ )، فصار هذا يأتمر بذاك ، خاضعا له خضوعا مطلقا،يشير الأول بالدولار فيسرع الثاني ملبيا . ويدُه لا تفارق الزناد أبداً.
قلت مكملا ما أرى هنالك :
-طلب ( المال )كأس نبيذ ،وطلب لمرافقه ( العنف ) كأس جعة !
-كيف يبدو ( العنف ) لك في صورة انعكاسه بدماغك عبر هذا الرحيل ؟
سألتْ.
-متعجرف.
أجبتُ.
-وكيف يبدو (المال) لك في صورة انعكاسه بدماغك عبر هذا الرحيل ؟
سألتْ.
-حرامي،متحايل، حدق،شكاك،مغامر،مقامر،وعيناه ذئبيتان.
أجبتُ.
قالت:
-إذا كان في يدي دولار ، فهل يمكن أن يكون الدولار نفسه في يدك ؟
أجبت بوثوقية :
-طبعا لا يمكن ، فهو في حوزة يدك .
قالت:
-وإذا صوبتُ لصدغك مسدسا ، فهل يمكن أن يكون المسدس نفسه في يدك ؟
أجبت بالوثوقية نفسها :
-طبعا لا يمكن ، فالمسدس في يدك .
قالت :
-هي ذي هوية (المال) وهوية (العنف)، فالذي يملك (المال)لا يمكن لغيره أن يملك المال نفسه ، والذي يملك وسائل (العنف)لا يمكن لغيره أن يملك وسائل (العنف) نفسها . ومن هنا صار (العنف)سلطة خاصة أكثر همجية ، وصار (المال )سلطة لا تقل همجية . وهمجيتهما آتية من غياب التكافؤ في معترك السلطة !وأنا لست (مالا) ولا(عنفا) ، لم أخرج الدولار لك ، لكي أشتري خضوعك ، فأهيمن عليك ، ولم أخرج مسدسا كي أرعبك ، فأسيطر عليك ؛ ومع ذلك أسرتك ، لكن بسلطة جمالي . فمن أنا ؟
أجبتها بصدق:
-لم أعرفك بعد !!!
أضافتْ لتقربني إلى تمثل هويتها :
-أنا لك وفي الآن نفسه ، أنا لخصمك أو عدوك . ومن منكما لامس نقطة بيضاء في دواخلي ، صرت له وحده وبالكامل ، جسداً وروحاً وهوية ! وبجسدي ، وبروحي ، ثم وبهويتي ، يبسط سلطته على الذي لم أعد له، لأنه لم يعرف كيف يلامس النقطة البيضاء في دواخل دواخلي ! فهل عرفتني ؟
أجبتها بصدق :
-ورغم كل ما قلتِ لم أتوصل إلى معرفة من أنتِ !!!
قالت قبل أن تدير ظهرها وتغادر :
-أنا (المعرفة ) !
(…)
ولما غادرتْ مع موجة ، قذفتُ بنفسي في البحر ، أسبح لأمسك بها ، ثم أدغدغ جسدها ، لعلني ألامس سر نقطتها البيضاء في دواخل دواخلها !
(…)
لحظتها أتت النوارس والكروانات، وأتى اليمام ،والحمام ، وخلفها الطيور الغطاسة ! لتتعاون علي ، كي تردني إلى خلوتي في جلستي !
محمد الجلايدي - القنيطرة - المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق